عشيرة آل مهنا

بحسب البحث المختصر الذي يهم المطلع المنصف بعيدًا عن بهرجة النسب وزيفه فنحن من آدم وآدم من تراب ولأن الوزن عند الله عز وجل بالتقوى وبالأعمال الصالحة كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13]، وكما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)؛ ويقول الشاعر:

لعمركَ ما الإنسانُ إلا بدينهِ

ولا تترك التقوى اتكالاً على النسبِ

فقد رفعَ الإسلامُ سلمانَ فارسٍ

وقد وضعَ الشركُ النسيبَ أبا لهبِ
 
أما آل مهنا فهي عشيرة عربية نجدية ترجع موروثًا إلى بني عامر بن صعصعة الهوازني والراجح من آل بريك من بني مزيد من بني عائذ من بني الضباب من بني كلاب بن عامر رهط الشاعر الفارس بزيع بن جبهان الضبابي شيخ بني كلاب في زمانه أي قبل ضعف دولتهم فيقول ابن خلدون ٧٣٢هـ-٨٠٨هـ عن دولة بني عقيل وينقل عن ابن سعيد ٦٨٥هـ : "وملكوا أيضا أرض اليمامة من بني كلاب وكان ملوكهم فيها لعهد الخمسين والستمائة بني عصفور" لكن كانت كما يبدو على علاقة قوية ووطيدة بقبيلة بني عائذ العقيلية حيث كانت قبائل بني عامر هي القوة المسيطرة على نجد في فترات عدة وكان في اتحادها وتكتلها مع القبائل النجدية صمود بلدان نجد أمام التدخل العثماني لاحقًا.

صاهرت هذه العشيرة عدة أسر كريمة وأجودية يعود معظمها إلى حاضرة قبائل عريقة كقبيلة العرينات (بني عمر) وبني ثور وبني سهل وبني خالد وبني عائذ و الدواسر(1) وهنا يتضح مدى قوة الترابط واللحمة بين القبائل العربية والعشائر العامرية على الخصوص ولا غرابة إذ اشتهر أهل الأحساء بنخوة "أولاد عامر".

وعندما نتحدث عن قبيلة بني عامر فهم البحر الزاخر في الفصاحة والأدب، والسم القاتل إذا احترب، والحليم الفاطن دون الغضب، بجوارهم كانت الحمية والوقاية، والسلامة من الشظية والنكاية، ولهم الصولات والجولات إذا ذُكرت نجد العذيّة والأندلس، أو حِمى ضريّة والشهباء حلب، وغيرها من البلدان القديمة والغابرة والأقاليم البادية والحاضرة. 
 
أما عن هجرة آل مهنا فلقد كانت قبل قرابة مئتين سنة، فحال هذه العشيرة الكريمة كما هو حال الأجداد الأوائل في الحل والترحال عندما تتغير موازين القوى وانتشار الأسقام والأوبئة يدفعها للهجرة نحو البلدان المجاورة والآمنة.

وقد انتهى بها المطاف إلى الساحل الخليجي وكذلك الحال انتهى بالكثير من النجديين في فترات القحط التي عصفت بديار نجد إلى الهجرة باتجاه الشمال أو الشرق.

أقامت هذه العشيرة الكريمة في بلاد الاحساء بعد مقدمهم من وادي الدواسر و من حوطة بني تميم (على أثر سقوط الدرعية) والتي كانت تسمى سابقاً بعدة تسميات منها المجازة وبريك والفرع في إقليم وادي نعام، ويشمل هذا الأقليم أيضًا محافظة الحريق (كانت سابقًا تحت إمرة قبيلة سبيع العريقة) في جنوب الرياض لكن آثر البعض منهم بالانتقال إلى دولة الكويت العزيزة و إلى دولة العراق الشقيقة وتحديًدا إلى الزبير.  
 
تنقسم عشيرة المهنا العامرية إلى عدة حمولات كريمة:
الصاهود: في الأحساء والدمام والكويت الشقيقة وقد انتقل بعضهم إلى الدلم (الخرج).
الخشّان: في دولة الكويت الشقيقة.
السعد: في الرياض وقد انتقل بعضهم إلى الزبير(العراق).
وهناك أسر أخرى انقطعت أحوالهم إما بسبب انقطاع أخبارهم أو انقطاع ذريتهم الله المستعان.

امتهنت هذه العشيرة العامرية المهن الشريفة التي حض عليها الإسلام في بلاد التوحيد مثل التجارة والزراعة والغوص لطلب الرزق والتوسع في المعيشة ولقد اشتهرت بلدان الخليج العربي بمهنة الغوص كما ذُكر عن النجديين في محافظة الحريق على سبيل المثال لا الحصر الذين يجيدون هذه المهنة إذ كانوا يرتلحون إلى الخليج العربي إذا حل وقت الغوص لجلب اللؤلؤ الذي كان يعد من أثمن الحلي والمجوهرات فيوفر لهم دخلًا طيبًا بعد عناء الغوص والسفر.

ومما امتن الله تعالى على هذه العشيرة المباركة أنها عُرفت واشتهرت بالتدين المعتدل الذي يفتخر به كل مسلم والمزاحمة في حلقات الذكر وحفظ كتاب الله تعالى والتي تعتبر خصلة فريدة يُعرف بها الوسط النجدي وفي المجتمع الاحسائي خاصة الذي يتميز بكثرة المآذن والاوقاف فلله الحمد والمنة والله تعالى أعلى أعلم.

1443/2022

(1)  يبدو أن بني عائذ هم حلف تشكل من عدة قبائل و التي تحالفت لاحقًا مع قبائل الفضول انظر «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» (4/ 311): وفرقة من ‌عائذ وهم آل يزيد وشيخهم ابن مغامس، والمزايدة وشيخهم كليب بن أبي محمد، وبنو سعيد وشيخهم محمد العليمي، والدواسر وشيخهم رواء بن بدران، هؤلاء غير من يخالفهم في بعض الأحايين»